السعودية تحاصر قطر واليمن أم نفسها؟
يمنات – صنعاء
يتوالى الخلاف السعودي القطري فصولاً. وفي حين تسعى قطر لحل الأزمة عبر الأطر الدبلوماسيّة، عمدت السعودية إلى رفع مستوى عقوباتها للجانب القطري عبر لائحة تضم جماعات وأفراد مرتبطين بالدوحة على قائمة الإرهاب، وذلك بعد قطع تام للعلاقات التي تخلّلتها لائحة طويلة من العقوبات الاقتصاديّة.
قرار المقاطعة السعودي الإماراتي تضمّن إغلاق الموانئ والأجواء أمام الملاحة القطرية، أي محاصرة قطر سياسيّاً واقتصاديّاً الأمر الذي سينعكس سلباً على الشعب القطري، إلاّ أن الطائرات الإيرانية الخمس الجديدة التي توجّهت إلى الدوحة ستحول دون استنزاف الشعب القطري من النظام السعودي، هذا النظام الذي حاصر، ولا زال، يحاصر الشعب اليمني.
خسائر قطر
لسنا في وارد الدخول في نتائج الأزمة التي نعتقد أنّها ستصب في النهاية في صالح الجانب القطري بسبب تسرّع الطرف المقابل، إلاّ أن النصر القطري ينطوي أيضاً على خسائر اقتصاديّة ضخمة.
وعند الدخول في تفاصيل الخسائر، يبدو أن الدوحة تتعرّض لخسائر مالية كبري جراء هذا الحصار ، سواء المالية منها أو الخسائر الآنية التي جاءت من خلال إيقاف جميع رحلات الطيران من السعودية إلى قطر .
ورغم إعلان رئاسة الوزراء القطرية عن وجود احتياطات كبرى و طمئنت الشعب القطري عن عبور هذة الازمة، إلاّ أنها تحتاج كمية كبيرة من المواشي و الخصروات و التي تقوم باستهلاكها من السعودية و الإمارات. كذلك، تحتاج قطر سلع و منتجات من الدول المحيطة بها و هي الدول المقاطعة، إلا أنّ وجود البديل الإيراني التركي سيحول دون أزمة خانقة على شاكلة اليمن.
ولعل الخطوة الأخطر على الجانب القطري تتمثّل في عزل قطاعها المصرفي في خطوة تشير إلى استنفاذ الجانب السعودية كافّة أوراقه السياسيّة والناعمة تجاه قطر، ليبقى الخيار العسكري هو الخيار الوحيد المتبقي والذي لن تقدم عليه السعوديّة لأسباب لسنا في وارد ذكرها.
اليمن وقطر
لم تكن الخطوة السعوديّة بجديدة على جيرانها العرب، ومن هنا لم يعد يستغرب أحد العداء السعودي الأعمى للجانب الإيراني الذي أثبت وقوفه إلى جانب الشعوب العربيّة، ليس آخرها اليمنية والقطري أمام العقوبات السعودية.
فالدول المحاصرة لقطر، وتحديداً السعوديّة والإمارات، لا تزال تحاصر الشعب اليمني منذ بدء التحالف السعودي على البلاد عام 2015، وبعد استنفاذ كافّة الأوراق العسكرية والسياسيّة والاقتصادية تسعى اليوم لاحتلال ميناء الحديدة المنفذ الوحيد للشعب اليمني من وإلى العالم. وقبل هذا عمدت إلى نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن لمحاربة الشعب اليمني في لقمة عشيه تماماً كما تفعل اليوم مع الجانب القطري.
في الشكل قد يختلف العداء السعودي للجانبين الإماراتي واليمني، إلا أن المضمون واحد، حيث تريد الرياض أن تُبقي هذه الدول في فنائها الخلفي.
في اليمن تذرّعت السعوديّة بالدعم الإيراني، الذريعة المعلّبة التي تحضر عندما يُراد تبرير أي خطوة سعوديّة عدائية، وعمدت إلى شنّ عاصفة الحزم ومحاصرة البلاد، الأمر الذي أفرز عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى وتفشي الأمراض، إلا أنّه رغم كل ذلك فشلت السعودية في تحقيق أهدافها من العملية العسكرية، ليس ذلك فحسب، بل إنها عاجزة عن تأمين موقع الربوعة الحدودي.
في قطر، أرادت الرياض الأمر ذاته، محاصرة الشعب، وإذا لم يسلّم تميم سياسياً، لا بد من استخدام الخيار الاقتصادي عبر محاصرة دولة يتقاضى مواطنوها أعلى مستوى دخل في العالم. إلا أن التطوّر، وتغاضي الجانب الإيراني عن الأبعاد السياسية وخلافه القديم مع قطر بالنسبة لسوريا لأسباب إنسانية بالدرجة الأولى سيحول دون تحقيق الأهداف السعودية.
اليوم، يدرك الشعب اليمني اكثر من أي وقت مضى حقيقة النظام السعودي، هو الأمر نفسه بالنسبة لشعب البحرين، وفي حين تلتحف سلطنة عمان والكويت الصمت، وُضعت قطر اليوم على سكّة الشعبين اليمني والبحريني، وفي حال حقّقت السعودي ما تريد، لا ينتابنا أيّ شك بأن الدور سيأتي لاحقاً للإمارات الطامحة لدور سياسي كبير على شاكلة قطر.
إن مشاكل وأزمات النظام السعودي كثيرة، وربّما تعود أغلبها للعقلية الحاكمة المتهوّرة التي يتزّعمها شاب عديم الخبرة، إلا أن أحد أبرز هذه المشاكل والأزمات هي عدم فصلها بين الشعوب والأنظمة، فعندما تفشل في مواجهة نظام ما تعمد إلى محاصرة شعب بأكمله، ففي سياستهم الغاية تبرّر الوسيلة، وكما برّرت لهم غايتهم في عاصفة الحزم قتل وجرح مئات الآلاف، اليوم تبرّر لهم غايتهم محاصرة الشعب القطري بأكمله، ولكن كما فشلت في اليمن، الأمور تسير نحو الفشل في قطر.
رغم أنّ ظاهر الأمر هو حصار سعودي لقطر واليمن والبحرين، ولاحقاً دول أخرى، إلا أن المعادلة ستنعكس نحو السعودية التي ستصبح محاصرة، إلا أنّها هي التي تحاصر نفسها بنفسها!
المصدر: الوقت